المصريون تحولوا من سب الجزائر وشهدائها إلى مدح المنتخب وتأهله
''كنا على ضلال...''
اللذة كانت لذتين، سهرة أول أمس، أحلاهما طبعا كان التأهل الباهر لرفاق بوفرة، والأخرى ما قاله المصريون في مختلف البرامج التي سكبت، بالماضي القريب، سمها على الجزائر. ما سمعه الجزائريون من أفواه الغندوريين كان أشبه بما قاله أبو سفيان لهند في فيلم الرسالة ''كنا على ضلال..''.
من شوبير إلى الغندور ومن والاهم، مرورا بالمعتدلين أمثال بيومي، أجمع المصريون على قوة ''محاربي الصحراء'' وأحقيتهم بالتأهل ليس فقط إلى الدور نصف النهائي من العرس الإفريقي بل أيضا إلى المونديال، وهو التأهل الذي كان يوصف منذ ملحمة أم درمان وإلى غاية ملحمة ''كابيندا'' بـ''ضربة حظ''، وفعلة ''بلطجية'' لا غير.
بيومي، ضيف حصة ''صدى الملاعب'' بقناة ''أم. بي. سي''، واصل في اعتداله الذي ميزه خلال الأزمة الأخيرة، وأثنى بكلمات قوية على أداء ''الخضر''، واصفا رفاق حليش بالفريق القوي الذي شرف العرب في سهرة مميزة بمدينة كابيندا. بيومي أثنى حتى على الطاقم الطبي، الذي عرف كيف يتعامل مع إصابات اللاعبين.
وهو مصفر الوجه، أطل خالد الغندور على المشاهدين، صاحبنا حاول الحفاظ على ماء وجه الكبرياء المصري، من خلال التأكيد على شرعية هدف المنتخب الإيفواري، وعلى رداءة أداء الحكم السيشيلي، ايدي مايي، متسائلا كيف تم اختياره واتهم روراوة الضلوع في الأمر الذي دبر بليل.
غير أن أداء ''الخضر'' وتأهلهم البطولي، أرجع الغندور إلى صوابه، فأطلق قنبلة من العيار الثقيل سمع دويها في تلك الليلة الصاخبة بشوارع الجزائر المكتظة بالمحتفلين، فقال ''بناء على أداء المنتخب الجزائري اليوم، يمكن القول إنهم سيكونون أسياد إفريقيا خلال العشر سنوات المقبلة''... آه منكم يا محاربي الصحراء وما فعلتم في الغندور. فقد دفعتم بمن شتمنا وأهاننا، لأن ينحني أمام أدائكم البطولي وتأهلكم الباهر. من استمع للغندور، أمس، كان بحاجة لمن يصفعه حتى يتأكد من أنه يستمع لذلك الرجل الذي تبادل مع علاء مبارك ذات يوم، مختلف الشتائم وتفننا في استعمال لغة الاحتقار ضد الجزائر. أما أحمد شوبير الذي طالب، منذ أيام، بتسليط عقوبات على الجزائر وتغيير قوانين كرة القدم، حتى لا يسمح لفريق سجل هدفا فقط بالتأهل إلى الدور الثاني، تفنن هو الآخر في مدح المنتخب الجزائري الذي أدى، حسبه، مباراة من أحسن مباريات الدورة، وتأهل بجدارة واستحقاق، وأكد رتبته كفريق ''مونديالي'' و... و...
لكن شوبير، تحدث بنبرة الخائف من ملاقاة فريق بلده بالجزائر في الدور نصف النهائي، مطالبا بأن تكون المباراة لقاء وديا ولقاء صلح بين الأشقاء العرب، وأن يحتضن زاهر أخاه روراوة. من يصدق، روراوة الذي نعت باليهودي، هو الآن الرجل الذي يجب احتضانه، سبحان مغير الأحوال.
وعلى مضض، استمع ابراهيم حجازي، منشط حصة رياضية بقناة ''نيل سبورت''، لتحليل ضيفه الذي أثنى فيه على أداء الفريق الجزائري، كلمات تجرّعها حجازي بمرارة، وهو الذي استهان، منذ أيام، بتأهلنا للدور ربع النهائي بفضل هدف وحيد.
الصحافة المصرية المكتوبة، تعاملت بفتور مع إنجاز ''الخضر''، واكتفت بسرد مجريات المباراة عن مضض هي الأخرى. عدا ربما موقع ''يالاكورة'' الذي اعترف أن المقابلة كانت أكثر من مثيرة، واستحق فيها الجزائريون المرور إلى الدور المقبل.
ولا يختلف اثنان، أن المصريين كانوا يتخوفون من مواجهة الجزائر، بالنظر إلى أن الجزائريين يملكون تفوقا بسيكولوجيا على نظرائهم المصريين، كما أن الأبواق التي تفننت في سب وشتم الجزائر، أرادت استغلال الظرف لمحاولة طي صفحة الماضي، والبحث عن مصالحة تمحو تجاوزهم لكل الخطوط الحمراء عقب مباراة الخرطوم.
المصدر :الجزائر: غدير فاروق
2010-01-26
التوقيع: